ترجمان

الاتفاقية التركية بين الصومال وإثيوبيا وتأثيرات الانتخابات الأمريكية

مركز الصومال للدراسات

مركز الصومال للدراسات، مؤسسة بحثية مستقلة، تقوم على إعداد البحوث والدراسات والتقديرات وأوراق السياسات، وتنظيم الفعاليات العلمية والأكاديمية وتقديم الاستشارات حول التفاعلات السياسية والاستراتيجية والاقتصادية في منطقة القرن الأفريقي

مقدمة

في 11 ديسمبر 2024، توصلت الحكومة الصومالية برئاسة الرئيس حسن شيخ محمود والحكومة الإثيوبية بقيادة الرئيس أحمد آبي أحمد إلى اتفاق يُعرف بـ”إعلان أنقرة”، وذلك بعد مفاوضات استضافها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في أنقرة.

الاتفاق وأبعاده الرئيسية

وفقًا لهذا الاتفاق، تعهد الطرفان باحترام سيادة بلديهما واستقلالهما ووحدة أراضيهما. كما اتفقا على إبرام ترتيبات تجارية تعود بالنفع على الجانبين، من خلال اتفاقيات ثنائية تشمل عقودًا وتأجيرًا وترتيبات مماثلة. وتهدف هذه الاتفاقيات إلى منح إثيوبيا وصولاً آمنًا ومستدامًا إلى البحر عبر الأراضي الصومالية، مع الحفاظ على السيادة الكاملة للصومال على هذه المرافق.

يبدو أن قرار الصومال بمنح إثيوبيا حق الوصول إلى الموانئ الصومالية جاء كرد فعل على انتخاب دونالد ترامب لولاية ثانية كرئيس للولايات المتحدة. تُظهر المخاوف الصومالية احتمال أن تعترف الإدارة الأمريكية القادمة بسيادة أرض الصومال (صوماليلاند)، وهي الكيان الذي أعلن استقلاله ذاتيًا في شمال الصومال.

وفي هذا السياق، وقّعت أرض الصومال مذكرة تفاهم مع إثيوبيا في 1 يناير 2024، تعهدت بموجبها بمنح إثيوبيا تسهيلات تجارية وعسكرية في موانئها مقابل وعد إثيوبي بالاعتراف بسيادة أرض الصومال واستقلالها عن الصومال. من خلال هذه الخطوة، يبدو أن الصومال يحاول استباق أي قرارات أمريكية محتملة تعترف بسيادة أرض الصومال.

الدعم الأمريكي لاعتراف أرض الصومال

حظيت فكرة الاعتراف بأرض الصومال بدعم قوي من قِبل العديد من مستشاري ترامب ومؤيديه. على سبيل المثال، دعا تقرير “مشروع 2025: تفويض القيادة – الوعد المحافظ”، الذي أعدته مجموعة من المؤسسات المحافظة بقيادة مؤسسة هيريتج، إلى الاعتراف الأمريكي باستقلال أرض الصومال باعتباره وسيلة لمواجهة تدهور النفوذ الأمريكي في جيبوتي. تم إصدار هذا التقرير في أبريل 2023 كخطة عمل لإدارة ترامب الثانية.

جدير بالذكر أن بعض الشخصيات التي ساهمت في إعداد هذا التقرير قد تم ترشيحها بالفعل لمناصب رفيعة في الإدارة القادمة، بما في ذلك ستيفن ميلر (نائب رئيس موظفي البيت الأبيض للشؤون السياسية) وجون راتكليف (مدير وكالة الاستخبارات المركزية).

روّج العديد من مستشاري السياسة الخارجية الذين عملوا مع ترامب في ولايته الأولى لفكرة الاعتراف بأرض الصومال. على سبيل المثال:

  • جي بيتر فام، المبعوث الخاص السابق إلى منطقة الساحل وبحيرات أفريقيا العظمى، أكد أن أرض الصومال أثبتت جاذبيتها كشريك للولايات المتحدة ودول أخرى.
  • تيبور ناجي، مساعد وزير الخارجية السابق للشؤون الأفريقية، صرّح بأن هناك تعاطفًا متزايدًا مع كيان أرض الصومال خلال الولاية الثانية لترامب، مشيرًا إلى أنها “كيان يعتمد على ذاته، موالٍ للغرب، يتميز باقتصاد حر ويهتم بأمن أراضيه، وينظم انتخابات دورية.”

يرى ناجي أن فكرة كون أرض الصومال جزءًا من الصومال هي “خرافة” و”عبثية” لأسباب متعددة، مضيفًا: “ربما، فقط ربما، إذا فازت الإدارة الجديدة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، قد يتحقق حلم أرض الصومال بالاعتراف كعضو كامل في المجتمع الدولي.”

أما مايكل روبين، الزميل البارز في معهد المشروع الأمريكي، فقد نشر مقالًا في 3 يناير 2024 بعنوان “الولايات المتحدة يجب أن تؤيد استقلال أرض الصومال”، دعا فيه صراحة إلى اعتراف أمريكي بسيادة أرض الصومال.

خاتمة

يُبرز إعلان أنقرة بين الصومال وإثيوبيا تحولات سياسية واستراتيجية في القرن الأفريقي، حيث يبدو أن الصومال يحاول حماية وحدته الإقليمية من خلال تقديم تنازلات لإثيوبيا. وفي المقابل، تتزايد الضغوط الدولية والمحلية، خاصة من الإدارة الأمريكية الجديدة، للاعتراف باستقلال أرض الصومال. هذا التطور يعكس تعقيدات الديناميكيات الإقليمية والتنافس الجيوسياسي في المنطقة .

المصدر الأصلي 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى