تقدير موقف

التمرد العسكري في أرض الصومال : سياق الأزمة وتبعاتها الإقليمية

وحدة الدراسات

هي الوحدة المعنية في المركز في إعداد ومراجعة البحوث والدراسات، وتقوم بدراسة القضايا الراهنة المتعلقة بالشأن الصومالي ومنطقة القرن الأفريقي وتحليلها، ملتزمة معايير النشر وأساليب البحث العلمي.
Print Friendly, PDF & Email

المقدمة

تبدو أن مظاهر التمرّد على الحكومة الصوماليلاندية آخذة في الاتساع، فبعد أزمة لاسعانود المستمرة منذ فبراير/شباط الماضي (2023)، اندلعت أزمة “كعن لباح” بالقرب من مدينة بربرة الاستراتيجية، باحتجاج عدد من الأدباء وعناصر قديمة من الحركة الوطنية الصومالية، إضافة لمجموعة من المواطنين من الفئات العمرية الشابّة، واعتصامهم في جبل “غعن لباح”، رفضًا لمخرجات العملية السياسية، وذلك بعد أشهر من خروج مدينة “لاسعانود” عاصمة محافظة “سول” من سيطرة الحكومة، مؤشّر خطير على وجود تراكمات تغطّي مجالات عديدة مؤثّرة  في حياة المواطنين الصوماليلانديين، يمكن أنّ تؤدي للمزيد من مظاهر الاحتجاج والعصيان ضد تلك الحكومة، دون استبعاد لانزلاقها نحو سلوكها المعتاد في الاستهتار بدماء مواطنيها.

وبالعودة لتاريخ نشأة صوماليلاند، فإنّه يمكننا أن نرى أن الإعلان عن استقلال صوماليلاند، قد جاء تحت ضغط جماهيري على القيادات التقليدية والسياسية والعسكرية من الحركة الوطنية الصومالية وباقي مكونات شمال الصومال، أثناء المؤتمر التشاوري للقبائل، ويبلف الضغط ذروته إثر نطلاق مسيرة شعبية في السادس عشر من مايو، من العاصمة هرجيسا باتجاه مدينة برعو مرورًا بمدينة “بربرة”، ليثمر ذلك عن خروج المؤتمر الذي بدأ الانعقاد في الرابع من مايو 1991م، ببيان من سبع نقاط في الثامن عشر من مايو، تصدّرها الإعلان عن استعادة المحمية البريطانية السابقة لاستقلالها الذي حصلت عليه في السادس والعشرين من يونيو 1960م، وأجّلت الإعلان عنه إلى حين الوحدة التي حدثت في الأوّل من يوليو في 1960، لتكون تلك المسيرة الشعبية في مطلع التسعينيات نقطة مركزيّة أخرى في التاريخ السياسي للصوماليين في القرن الإفريقي، وثمرة للصراع المسلّح الذي قادت إليه الدكاتورية والحكم العسكري في البلاد، وانخراط القيادات السياسية للبلاد في استغلال التباينات القبلية والعشائرية، والمركزية الاقتصادية والإدارية، وتسخير أجهزة الدولة وموارد البلاد لإطالة عمر النظام الاستبدادي.

خلفيات الأزمة:

تأتي أزمة “غعن لباح” إثر إعلان اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات عن أولويات العمليات الانتخابية، وذلك عبر القرار الذي صدر عنها في السابعة عشرمن يوليو/ تموز الماضي،القاضي بتقديم الانتخابات التمهيدية للجمعيات السياسية المؤهّلة لأحزاب الأمة الثلاث، على الانتخابات الرئاسية، في ظلّ عدم وجود قانون ينصّ على الانتخابات التمهيدية للجمعيات السياسية من جهة، و خسارة الأحزاب السياسية الثلاث لصفتها “أحزاب أمّة”، لانتهاء رخصتها السياسية، ما يحرمها حقّ تقديم مرشحين للانتخابات الرئاسية من جهة أخرى، وليس ذلك سوى ثمرة لسلسلة من الإخفاقات من قبل المعارضة،  والانتهازية التي مارسها الحزب الحاكم، ما أدّى إلى حدوث استعصاء قانوني يعرقل إيجاد مخرج من الأزمة السياسية الحاصلة، وكان من نتائجه انتهاء الترخيص الذي تمتلكه الأحزاب السياسية الثلاث في البلاد “احزاب الأمّة”، قبل الوصول إلى الانتخابات الرئاسية، لتتحوّل تلك الأحزاب إلى جمعيات سياسية، وبالتّالي وجوب فتح الباب أمام تأسيس الجمعيات السياسيّة في البلاد، والدخول في مرحلة تأهّل الجمعيات السياسية، بطريقة أو بأخرى، لاصطفاء ثلاث منها فتصبح أحزاب أمّة، قادرة على تقديم مرشحين رئاسيين، والانتقال إلى مرحلة الانتخابات الرئاسية بناءًا على ذلك.

وتعود جذور المشكل السياسي إلى عدم توافق القانون الانتخابي القائم، مع مجمل العملية الانتخابية، بادئًا ذلك بالتمديد الذي حصل عليه الرئيس السابق “أحمد محمد محمود سيلانيو”، ثمّ إفشال التعديل الذي اقترحه– قبيل مغادرة السلطة – للقانون الانتخابي، في مطلع ولاية الرئيس الحالي “موسى بيحي عبدي”، وقبول حزبي المعارضة انعقاد الانتخابات البلدية والنيابية، رغم كون الانتخابات البلديّة حجر أساس لنشأة واستمرار “أحزاب الأمّة” الثلاث، مترافقًا ذلك مع تخاذل المحكمة العليا للبلاد عن القيام بدورها، وخنوعها أمام ضغط الحكومة المستفيدة من إمكانيتها لكسب المزيد من الوقت في السلطة نتيجة للتعقيدات المصطنعة، ما خلق حالة من التوتّر السياسي الشديد، بعد إفاقة قيادات المعارضة على “المقلب السياسي” الذي تم إيقاعها فيه، بعد انسياقها مع الخطوات التي تمّت في حين غفلة من قبلها، وكانت نتيجة إراقة دماء العديد من المواطنين والمواطنات، وسقوط الجرحى والمصابين، وازدياد حالات الاعتقال السياسي،  وارتفاع وتيرة خطابات الكراهية القبلية والعشائرية، وإهدار هيبة الدولة وإضعاف موقفها لانشغال قادتها بالسفاسف، وانقسام فئات شعبها على خطوط الخلاف الظاهرة والخفيّة،  ما مهّد لخسارة صوماليلاند سيادتها على أراضي كانت تحت حكمها.

عوامل تزيد اشتعال الواقع

رغم النجاح الكبير الذي حققته المعارضة في الانتخابات البلدية والبرلمانية، وحصولها على أغلبية المقاعد في معظم الدوائر الانتخابية والمجلس النيابي، فإن الواقع السياسي يؤكّد خروج الأمور عن سيطرة حزبي المعارضة تمامًا، نتيجة لخضوعهما للقانون الانتخابي القاضي بتحوّلهما إلى جمعيتين سياسيتين، وكذلك خسارة زعيم حزب وطني لمنصبه الرسمي رئيسًا للحزب، بتنازله عن رئاسة الحزب لحليفه “حرسي حاجي علي”، الذي أصبح تلقائيًا رئيسًا للجمعية السياسية، في ظلّ قانون لا يسمح للجمعيات بتقديم مرشّحين رئاسيين، فيكون بذلك عبدالرحمن محمد عبدالله “عرّو” قد خسر موقعه رئيسًا للحزب الذي قام بتأسيسه، إضافة إلى الصّفة القانونية القاضية بكونه مرشّحًا رئاسيًا، وأثار غضب مؤيديه لأنهم أصبحوا مضطرين للقبول بقيادة حليفه “حرسي” للمنظمة السياسية، رغم عدم حظوته لديهم، نظرًا لعدم انتمائه للكتلة القبلية الكبرى الرافعة للمرشّح الرئاسي السابق.

ومع عجز القيادات السياسية للمعارضة، عن تدارك المأزق السياسي الذي وقعت فيه نتيجة لغفلتها السياسية أو تواطئها، ظهر جليًا عجزها كذلك عن ضبط كتلاتها النيابية والبلدية، وجلاء نجاح الحزب الحاكم في اختراقها، عبر تحييد النوّاب أو دفعهم للتصويت لصالح أجندات مناقضة لتوجهات ومصالح أحزابها، إضافة إلى الحملات الإعلاميّة التي استفادت من سقطات بعض ألمع النوّاب، بل وإثارة الرأي العام ضدّ بعض النوّاب المعارضين الأكثر نشاطًا، عبر عمليّة ممنهجة من التغطيات الإعلاميّة المشبوهة، الهادفة لتسليط الضوء على مسائل شخصيّة وسط ادّعاءات دوريّة بوجود خلافات مع مؤجّرين وزوجات سابقات، بصورة تكشف الانحطاط السياسي الذي يمارسه الحزب الحاكم تجاه معارضيه، ما يعطي إنطباعًا عن انهيار أخلاقي لدى الطبقة السياسية الصوماليلاندية، وبلوغ صوماليلاند حالة لا يمكن إصلاحها من غياب قيم القيادة الهادفة لإنجاز أي شيء مفيد، ما ينذر بقرب انهيارها من الداخل.

من المستفيد من تمرّد “غعن لباح”؟

رغم التنديد الذي أعلنه سكرتير حزب “وطني” بالتمرّد واللجوء لاستخدام السلاح لحلّ الخلافات، في بيان ألقاه بالنيابة عن الجمعية، فإنّ الكثير من المراقبين يرون أنّ جمعية “وطني” السياسية هي المستفيد الأكبر من حالة التمرّد، في تعبير عن رفض قرار اللجنة الوطنية المستقلّة للانتخابات، التي قرّرت فتح المجال للجعيات السياسية للتنافس على التأهّل لصفة “أحزاب الأمّة الثلاث”، ما يجعل المركز السياسي لحزب المعارضة السابق – وطني- عرضة لخسارة جانب من مؤيديه، أو انفراط عقد التحالفات السياسية التي عقدها خلال عقد كامل لم يشارك فيه سوى في انتخابات رئاسية واحدة، رغم أنّه كان من حقّه خوض دورتين انتخابيتين رئاسيتين.

ويستدلّ المراقبون على كون “وطني” هو المستفيد من عدّة مواقف وسوابق ومظاهر،  تشير إلى القيادة السياسية المعارضة تجد هذا التصعيد يصّب في مصلحتها، فقد امتنعت القيادة السياسية لـ”وطني” وعلى رأسها محمد عبدالله عرّو عن التعليق على قرار لجنة الانتخابات، موافقة أو رفضًا، رغم الرفض الذي عبّر عنه نوّاب وقياديون من الصفّ الثاني لقرار اللجنة، ويرجع المحللّون هذا الصمت، بسبب شعور “عرّو” بالحرج الشديد من إعلان التنديد، نظرًا لقرب عهد مؤيديه بموافقته وتزكيته لذات اللجنة – رغم اعتراضهم عليها-،  التي بعد ذلك أصدرت قرارًا أضرّ به وبمنظمته السياسية. كما يرى المراقبون أن اختصار المعتصمين مطالبهم بعقد الانتخابات الرئاسية أولًا – حسب رغبة زعيم وطني-، وانتمائهم في جبل “غعن لباح” إلى ذات عشبرته،وكذلك كون الجبل المنطقة ينتمي إليها الزعيم عشائريًا وعائليًا، ما يجعله المجال الطبيعي لأي تحركات تحتاج لتأييد أقرباء الزعيم، ومعقلًا يمكن الاحتماء به في حال حدوث تطورّات تستلزم استخدام القوّة المسلّحة.

صوماليلاند: أوضاع متردّية بالمجمل!

منذ تولّي الرئيس موسى بيحي عبدي مقاليد البلاد، تعاني صوماليلاند من مشكلات كبيرة منبعها قرارات القيادات السياسية، مع ظهور مؤشّرات على وجود مركزيّة شديدة في السّلطة، وتركّز صنع القرار في يد الرئيس، وعدم قدرته الشخصيّة على ممارسة مبادئ المشورة، وتوسيع دائرة صنع القرار، وقد أدّى ذلك إلى ما يلي:

  • نمط القيادة لدى الرئيس موسى بيحي عبدي:
  • عجز الرئيس موسى بيحي عبدي عن تفعيل أجهزة الدولة في صوماليلاند لمحاسبة قيادات الحزب في فترة الرئيس السابق أحمد محمود سيلانيو، حيال تجاوزاتهم في مجال المال العام، رغم وجود أدلّة على سوء الإدارة والفساد المالي والإثراء غير المشروع، خصوصًا مع استلام حكومة “كولميه الثانية” لدولة لم تكن خزائنها خاوية فقط،  بل كانت مدينة بعشرات ملايين الدولارات، في تناقض صارخ مع كونها الحكومة التي تلّقت أكبر قدر من العوائد المالية من الاستثمار الأجنبي والدعم الدولي والمساعدات في تاريخ صوماليلاند.
  • القطيعة التي أظهرها الرئيس موسى بيحي للقيادات التقليدية، بل وازدرائه العلني والمتكرر لأشخاصها، ما أفشل مساعيها في كلّ مرّة سعت لإيجاد تسويات للأزمات المتكررة في البلاد، كالأزمة السياسية والوضع المأساوي في محافظة “سول”.
  • حرص الرئيس موسى بيحي عبدي على تركيز كافة السلطات في شخصه، أدّى إلى خلق حالة من عدم الثقة بين الرئيس ومسؤولي الدولة، كما أنّ خلقه لقنوات رقابة غير رسمية على مسؤولي الدولة، ساهمت في ممارسته للضغوط على مسؤولي الدولة لمنعهم من التجاوز على ميزانيات الوزارات والدوائر الرسمية، لتتم محاسبتهم بشكل شخصي، وعدم إخضاعهم للقوانين الناظمة لتلك التجاوزات، ما جعل المسؤولين يخلقون حالة غير مسبوقة من الابتزاز للمواطنين، ممن يبدو أنهم قد لا يشكّلون تهديدًا أو يعجزون عن إيصال صوتهم إلى الرئيس شخصيًا، ما زاد من حالة التذمّر من الحكومة والأوضاع داخل البلد.
  • استمرار حكومة الرئيس موسى بيحي عبدي في رفع الرسوم والضرائب والجمارك، مما ساهم في ازدياد كلفة الحياة في صوماليلاند بصورة غير مسبوقة، مع وجود التضخم المالي، وعدم تعافي العملة، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ما زاد في الركود الاقتصادي وتناقص فرص العمل في صوماليلاند، ما يدفع بالكثير من الفئات الشابة المؤهّلة للبحث عن فرص عمل في المناطق الصومالية خارج صوماليلاند، كمقديشو وغيرها، في حين يلجأ غير المؤهلين والفئات الأصغر سنًا إلى الهجرة غير الشرعية خاصة الذكور، ما يفاقم من المشكلات الاجتماعية القائمة حاليًا.
  • اعتياد إضاعة الفرص، نظرًا لأحادية السلطة، كإمكانيات تطوير الكوادر الحكومية، كالكادرين الشرطي والإداري، وعرقلة المشاريع الاقتصادية الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، نتيجة للفساد الناشئ عن عدم تفعيل آليات الرقابة النظامية، والتعيين بحسب الولاء الشخصي والمحسوبيات.
  • تكرر ظاهرة الإخفاء القسري، من خلال عمليات اعتقال غير قانونية، يتخللها الاعتداء الجسدي والتعذيب والإهانة المتعمّدة، وبدون فترات زمنية محددة، ضد الصحفيين والمواطنين الذين يعلنون مواقف معارضة للحزب الحاكم أو المسؤولين في الحكومة، ما أدّى إلى ضرب الشعور بالانتماء لصوماليلاند لدى الكثير من الناشطين، وانتقال الكثير منهم إلى العمل السرّي غير محمود العواقب على صوماليلاند.
  • شيوع الانتهازية السياسية للقيادة في الحزب الحاكم:

من خلال محاولتها الاستفادة من حالة العوار التشريعي الحاصل، وضعف القيادة السياسية للمعارضة، للاستمرار في السلطة لأطول فترة ممكنة، مهما أدّت إلى تآكل الثقة الشعبية في مشروع صوماليلاند السياسي، ومهما كانت العواقب مدمّرة، بدلًا من تصحيح الأوضاع للحفاظ على وحدة الشعب في صوماليلاند، ووضع البلاد على طريق عملية ديمقراطية رشيدة.

  • ركون المعارضة إلى الخطاب العدائي ضدّ مكونات بعينها:

حرصت النوافذ الإعلامية للمعارضة السياسية خاصة حزب “وطني” على جذب التأييد، عبر إثارة النعرات العشائرية، والإساءة المتكررة لتاريخ صوماليلاند، والتركيز على خطاب المظلومية، والتهديد بالعودة لمرحلة الصراع الداخلي المسلّح بين العشائر الإسحاقية، ما أفرغ صفوفها من مؤيدي قياداتها من العشائر التي يتمّ الإساءة إليها وإلى شخصياتها، بحيث تحوّل حزب وطني إلى حزب عشيرة بعينها، ما يجعل من غير المرجّح نجاحه في أيّة انتخابات رئاسية قادمة، نظرًا لحالة التوجّس وعدم الثقة التي تمت زراعتها عبر ذلك الخطاب، ويزيد حالة الاحتقان العشائري، بما يصعّد من احتمالات حدوث مواجهات عنيفة ومسلّحة بين الكتلة المؤيدة لـ”وطني” والكتل الأخرى.

  • تراجع شرعية مجلس الشيوخ:

يعتبر مجلس الشيوخ “Guurti”في صوماليلاند، هو المؤسس الفعلي للدولة، والابن البكر لمؤتمرات السلام بين القبائل في شمال الصومال، إلّا أنّ وفاة معظم أعضائه المؤسسين، وتوريث مقاعده لأبنائهم غير ذوي الخبرة أو الكفاءة، وكذلك عرقلة أيّة محاولة لإيجاد تشريع يسمح بانتخاب القبائل والعشائر لممثليها فيه من بينها، وتورّط رئاسة المجلس في تعكير الوضع السياسي، عبر التمديد التلقائي لأعضاء المجلس لفترة – خمس سنين- جديدة من جهة، وتمرير التمديد لعامين للفترة الرئاسية للرئيس الحالي موسى بيحي عبدي، كل ذلك أدّى إلى ظهور قناعة بتحوّل مجلس الشيوخ إلى عبء يمكن أو يجب الاستغناء عنه، باعتباره عاملًا معرقلًا لتقدّم العملية السياسية الديمقراطية في البلاد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى